الملتقى الدعوي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الملتقى الدعوي - الملتقى الفكري - اسلاميات
 
الرئيسيةالمواضيع الأخيرأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبوأنس




عدد المساهمات : 306
تاريخ التسجيل : 14/07/2010

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر Empty
مُساهمةموضوع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر   الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر I_icon_minitimeالإثنين يوليو 26, 2010 12:09 am

الخطبة الأولى:

(وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).
الحمد لله العلي العظيم، المدبر لخلقه كما يشاء، وهو الحكيم العليم، حرم على عباده كل ما يضرهم في دينهم أو دنياهم رحمة بهم، وهو الغفور الرحيم، وجعل تعاطي ما حرمه عليهم سبباً للخسران في الدنيا والدين، وأوجب على المؤمنين أن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يأخذوا على أيدي السفهاء؛ فيأطروهم على الحق أطراً؛ فإن فعلوا ذلك استقامت أمورهم، وصلحت أحوالهم في الدنيا والأخرى.
وإن هم أضاعوا ذلك وأهملوا ذلك، خسروا الصفقة، ووقعوا في الهلاك والردى، نحمده على نعمه التي لا تحصى، ونشكره على فضائله العظمى.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يوم يجمع الخلائق في صعيد واحد ويجزي كل نفس بما تسعى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الصابر لله وبالله وفي الله؛ حتى أقام الله به الدين وأعلى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن بهداهم اقتدى وسلم تسليماً.
أما بعد:
أيها الناس! اتقوا الله - تعالى -، (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الأنفال: 25]، أقيموا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فإن ذلك دعامة المجتمع، فلا يقوم المجتمع إلا إذا شعر كل فرد من أفراده أنه جزء من كل، وأن فساد جزء من هذا الكل فساد للجميع، وأنه كما تحب لنفسك أن تكون صالحاً، فكذلك يجب أن تحب لأخيك أن يكون صالحاً؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)).
وإذا شعر الإنسان بهذا الشعور النبيل، وإن هذا هو ما يقتضيه الإيمان، ويفرضه عليه؛ فإنه لا بد أن يسعى في إصلاح المجتمع بشتى الوسائل، بالطرق التي تضمن المصلحة، وتزول بها المفسدة؛ فيأمر بالمعروف بالرفق واللين والإقناع، وليصبر على ما يحصل له من الأذى القولي والفعلي؛ فإنه لا بد من ذلك لكل داع، كما جرى ذلك لسيد المصلحين وخاتم النبيين، وليجعل الأمل والنجاح نصب عينيه؛ فإن ذلك أكبر عون له على سيره في مهمته، ولا يجعل لليأس عليه سبيلاً، فتفتر همته وتضعف عزيمته.
وإن على المؤمنين كلهم أن يتعاونوا في هذا الأمر الجليل العظيم، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يساعدوا من رأوه قائماً به، ويقوموا معه؛ نصرة للحق، وقضاء على الباطل، وألا يخذلوا الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، أو يرجفوا به؛ فإن في ذلك نصراً للباطل وإذلالا للحق.
لقد اتخذ بعض الناس عادة توجب توهين عزائم الدعاة إلى الله، وتضعف همم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر؛ فتجدهم إذا سمعوا واعظاً يقولون، وأقولها باللغة العامية: - هو عاد يبي ينفع كلامه، هم الناس يبي يطيعون - إلى نحو هذه الكلمات، التي يوهنون بها عزائم الدعاة إلى الخير.
وكان الأجدر بهؤلاء أن يشجعوا، ويقولوا للداعي والآمر: إنك على خير، وقد حصلت أجراً، أو أبرأت ذمتك، وسينفع الله بذلك إن شاء الله؛ فلقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)).
أيها المسلمون: إن الواجب علينا أن نتعاون تعاوناً حقيقياً فعالاً في إصلاح المجتمع، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن نكون كلنا جنداً وهيئة في هذا الأمر العظيم، كما جعلنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)).
وإن علينا أن نعرف أن الذمة لا تبرأ ونحن نعلم بالمنكر ولا نغيره، أو نبلغه لمن يغيره، إذا لم نستطع تغييره.
أيها المسلمون: إننا لو علمنا أن في بيت من بيوت هذا البلد مرضاً فتاكاً لأخذنا القلق والفزع، ولاستنفدنا الأدوية، وأجهدنا الأطباء للقضاء عليه، هذا وهو مرض جسمي، فكيف بأمراض القلوب التي تفتك بديننا وأخلاقنا؟
إن الواجب علينا إذا أحسسنا بمرض ديني أو خلقي يفتك بالمجتمع، ويحرف اتجاهه الصحيح، أن نبحث بصدق عن سبب هذا الداء، وأن نقضي عليه وعلى أسبابه، قضاء مبرماً من أي جهة كانت، لا تأخذنا في ذلك لومة لائم، قبل أن ينتشر الداء ويستفحل أمره، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مثل المداهن في حدود الله والواقع فيها، مثل قوم استهموا سفينة؛ فصار بعضهم في أسفلها، وبعضهم في أعلاها، فكان الذي في أسفلها يمر بالماء على الذين في أعلاها؛ فتأذوا به؛ فأخذ فأساً فجعل ينقر أسفل السفينة، فأتوه فقالوا: ما لك؟ فقال: تأذيتم بي، ولا بد لي من الماء؛ فإن أخذوا على يديه أنجوه ونجوا أنفسهم، وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم)).
وإننا لنشكر بهذه المناسبة لقوم يظهر منهم الغيرة، وحب الإصلاح، بما يكتبونه من النشرات، التي يوجهونها إلى من يوجهونها إليه، نشكرهم على هذه النشرات بقدر ما تنفع وتثمر، وهم مأجورون على حسب نيتهم وعملهم، ولعل الأولى أن يتصلوا بمن يظنون بهم المساعدة والعون بأنفسهم، ويحققوا في الأمور التي يكتبون فيها، ويتساعدوا جميعاً على إزالتها، ولا ينقص ذلك من إخلاصهم شيئاً إن شاء الله.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) [العصر: 1-3].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم... إلخ.
الخطبة الثانية:
(التحذير من إضاعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).
الحمد لله الذي جعل أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - خير أمة أخرجت للناس، وفضلها على غيرها؛ بما قامت به من واجبات عظيمة، وصبر في البأساء والضراء، وحين البأس، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، أحكم كل شيء شرعه، وأتقن كل شيء صنعه، وجعل لكل شيء سبباً، وهو الحكيم الخبير.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الذي جاهد في الله حق جهاده، وصبر وصابر حتى فاز بالنصر المبين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، الذين مثلوا الدين وقاموا به، وحققوا ما أمروا به على الوجه القويم، وسلم تسليماً.
عباد الله: لقد فخرت هذه الأمة وحق لها أن تفخر بما شهد الله لها به، وفضلها على غيرها، حيث يقول: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران: 110].
فمن حقق هذه الأمور الثلاثة: الإيمان بالله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كان من هذه الأمة التي فضلت على الناس، ومن لم يحققها، خرج من هذا الوصف الجليل، بقدر ما فاته من التحقيق.
عباد الله: إنكم لن تكونوا خير أمة أخرجت للناس حتى تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر، والمعروف كل ما أمر الله به ورسوله، والمنكر كل ما نهى الله عنه ورسوله.
أيها الناس: لقد مرضت القلوب وكاد المرض يقضي على بعضها بالموت؛ حتى نزعت الغيرة الدينية من كثير منها؛ فأصبحت لا ترى المعروف معروفاً ولا المنكر منكراً، أصبح الإنسان من هؤلاء لا يتمعر وجهه ولا يتغير من انتهاك حرمات الله، وكأنه إذا حدث عن انتهاكها يحدث عن أمر عادي لا يؤبه له، وهذا والله هو الداء العضال، الذي هو أعظم من فقد النفوس والأولاد والأموال.
يا أمة محمد! يا خير أمة أخرجت للناس! اتقوا ربكم، وأمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، وتعاونوا على الحق، ولا تأخذكم في الله لومة لائم، ولا يخوفكم الشيطان، ولا يوهن عزائمكم؛ فإنكم والله إن صدقتم العزيمة، وأخلصتم النية، واتبعتم الحكمة في تقويم عباد الله وإصلاحهم؛ فكل شيء يقوم ضدكم سيضمحل ويزول، فالباطل لن تثبت قدماه أمام الحق (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ) [الأنبياء: 18].
أيها المسلمون: إن الذي ينقصنا كثيراً هو عدم التعاون في هذه الأمور؛ فتجد أهل الخير متفرقين متباعدين، لا ينصر بعضهم بعضاً، ولا يقوم بعضهم مع بعض، إلا أن يشاء الله، وغاية الواحد منهم أن يتألم في نفسه، أو يملأ المجالس قولاً بلا فائدة.
ولو أننا اجتمعنا ونظرنا إلى مجتمعنا، وما فيه من أمراض وفساد، ثم بحثنا منشأ تلك الأمراض وذلك الفساد، وقضينا عليه بالطرق الحكيمة إن تمكنا من ذلك بأنفسنا، وإلا اتصلنا بالمسئولين؛ للتعاون معهم بالقضاء عليه؛ لحصل بذلك خير كثير، واندرأ شر كثير.
أما إذا تخاذلنا وكان الواحد منا أكبر ما يهمه نفسه، ولا يبالي بالناس صلحوا أم فسدوا، ولا يسعى لإصلاحهم؛ فإن ذلك ينذر بالعقوبة العاجلة والآجلة.
فاحذروا أيها المسلمون! عقاب الله وسطوته، احذروا أن تسلب منكم النعم، وتحل بكم النقم، تذكروا عظمة الله وقهره، تذكروا قوله - تعالى -: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود: 102]، اسمعوا قوله - تعالى -: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)(تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ) [المائدة: 78-80].
ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفس محمد بيده! لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه، ولتأطرنه على الحق أطراً، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم يلعنكم كما لعنهم)).
وصعد ذات يوم المنبر؛ فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((يا أيها الناس! اتقوا ربكم، إن الله - عز وجل - يقول لكم: مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعوني فلا أجيبكم، وتستنصروني فلا أنصركم، وتسألوني فلا أعطيكم)).
اللهم إنا نسألك أن تبرم لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى عن المنكر، اللهم إنا نسألك أن تصلح ولاتنا وأمتنا، وأن تجعلهم متعاونين في الحق، متسمين بالألفة والمحبة، والخير والرشد والنفع يا رب العالمين!
اللهم صل وسلم على محمد، وآله وصحبه وأتباعهم، إلى يوم الدين.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
===================
ابن عثيمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الملتقى الدعوي :: المنتديات العامة :: ركن امام المسجد-
انتقل الى: