تختلط الأمور على كثير من الناس في مواسم الخير، فيحارون في التفاضل بين الطاعات، حتى إن بعضهم يقدم المفضول على الفاضل، أو المستحب على الواجب وأحياناً يقع الحرج عند بعض الناس في فعل بعض الطاعات، تورعاً من المخالفة فيضيع عليهم الأجر والثواب. وأحياناً أخرى ينصرف الناس إلى عمل يرونه حسناً في وقته في حين أن غيره أحسن منه(*).
وهنا سؤال ورد إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن لونٍ من تلك التساؤلات التي تتكرر موسمياً وقلما يسأل الناس عنها أهل الذكر. يقول السائل:
هل الأفضل لي والأكثر أجراً خلال شهر رمضان المبارك الذهاب لمكة المكرمة للمكث فيها بضعة أيام لأداء العمرة والصلاة والعبادات الأخرى، أم أتصدق بتكاليف ذلك مالياً في أوجه البر المتعدي نفعها، علماً بأنني من سكان مدينة الرياض. والله يرعاكم ويحفظكم).
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأنه إذا كان بإمكانك أن تجمع بين الأمرين المذكورين في السؤال فهو أفضل وأعظم أجراً؛ لما في ذلك من كثرة الأعمال الصالحة والتقرب إلى الله بنوافل الطاعات. أما إن عجزت عن الجمع بين الأمرين وقد أديت فريضة الحج والعمرة وظهر لك حاجة الفقير واضطراره فإنك تقدم الصدقة على نافلة العمرة؛ لقول الله - سبحانه وتعالى -: ((فَلا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا العَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ)) [البلد: 11 16]، ولأن نفع الصدقة يتعدى لغيرك مع حصولك على الأجر العظيم والثواب الكثير، ولما في الصدقة من التكافل والتآزر بين المسلمين وسد حاجة معوزهم وإعانته على أمور دينه ودنياه.
وبالله التوفيق،
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم..
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز (رحمه الله)
نائب الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
عضو: عبد الله بن عبد الرحمن الغديان
عضو: صالح بن فوزان الفوزان
عضو: بكر بن عبد الله أبو زيد