الملتقى الدعوي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الملتقى الدعوي - الملتقى الفكري - اسلاميات
 
الرئيسيةالمواضيع الأخيرأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 وقفات مع قضايا مهمة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبوأنس




عدد المساهمات : 306
تاريخ التسجيل : 14/07/2010

وقفات مع قضايا مهمة Empty
مُساهمةموضوع: وقفات مع قضايا مهمة   وقفات مع قضايا مهمة I_icon_minitimeالأربعاء يوليو 14, 2010 11:16 pm


الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمدك اللهم ونستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك، ونثني عليك الخير كله، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، لك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بالقرآن، ولك الحمد بالمال والأهل والمعافاة، كبت عدونا، وأظهرت أمننا وجمعت فرقتنا ومن كل ما سألناك ربنا أعطيتنا، فلك الحمد والشكر على ذلك كثيراً، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا، ولك الحمد على كل حال، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، ونشهد أن لا إله إلا أنت سبحانك أنت الواحد فلا شريك لك، والأحد فلا نِدَّ لك، شرعت الهجرة والجهاد، لدرء الشر والفساد ووعدت عبادك المؤمنين بالنصر والفتح المبين، والعز والتأييد والتمكين.
ونشهد أن نبينا محمداً عبدك ورسولك، ومصطفاك وخليلك، شكر نعمتك وحقق عبادتك، وبلغ شريعتك، ونصح خليقتك، وهاجر وجاهد لإعلاء كلمتك، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فيا أيها الناس: اتقوا الله ربكم، فإنه - سبحانه وتعالى - حقيق أن يتقى، بأن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر: (أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ) [النحل: 52].
أمة الإسلام: في مطلع كل سنة هجرية، ومع إطلالة كل عام جديد، تبرز في تاريخنا الإسلامي المجيد أحداث عظام ووقائع جسام، لها مكانتها عند أهل الإسلام، ولها أثرها البالغ في عز هذه الأمة، ونصرها وقوتها، وصلاح شريعتها في كل زمان ومكان، وتحقيقها سعادة البلاد والعباد في أمور المعاش والمعاد.
أيها الإخوة في الله: ما أجمل أن نقف بعض الوقفات مع عدة قضايا مهمة، جديرة بالتنبيه والإشادة، وحرية بالتذكير والإفادة، لا سيما ونحن نعيش مع إشراقة عام هجري جديد، علَّ هذه الوقفات تكون سبباُ في تحريك الهمم واستنهاض العزائم للتمسك الجاد بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، مصدر العزة والقوة والتوفيق في الدارين، والخير والسعادة في الحياتين.
إخوة العقيدة والإيمان: وإن أول هذه الوقفات الجديرة بالتنويه والعناية، والاهتمام والرعاية، مع حدث لا كالأحداث، حدث غير مجرى التاريخ، حدث يحمل في طياته معاني الشجاعة والتضحية والصبر والفداء، والعزة والقوة والإخاء، والتوكل على الله وحده مهما بلغ كيد الأعداء، ذلكم هو حدث الهجرة النبوية على صاحبها أفضل صلاة وأزكى تحية، ذلكم الحدث الذي جعله الله - سبحانه وتعالى - طريقاً للنصر والعزة والكرامة، ورفعاً لراية الإسلام، وتشييداً لدولته، وإقامة صرح حضارته على العقيدة الخالصة والوحدة الصادقة: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) [التوبة: 40].
أيها المسلمون: إنه لما اشتد أذى الكفار برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بـمكة، أذن الله له بالهجرة إلى المدينة النبوية المنورة، فخرج - عليه الصلاة والسلام - من بيته يتحدى أعداءه، ويفوت الفرصة عليهم في تدبيرهم ومكرهم: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [الأنفال: 30].
فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبرفقته صاحبه الصديق - رضي الله عنه -، الذي ضرب مثلاً رائعاً في نصرته وفدائه لرسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي، وشفقته على حياته، ففي الغار يقول أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: "يا رسول الله! لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لأبصرنا"، فيجيبه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بجواب الواثق بنصر الله، المطمئن لوعد الله: ((يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما)) الله أكبر! يا له من درس عظيم في نصرة الله - جل وعلا - لأوليائه، وعدم تخليه عنهم لا سيما في الشدائد!.
وفي موقف عبد الله بن أبي بكر - رضي الله عنهما - في خدمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه مثل يحتذى لشباب الإسلام في أثرهم البالغ في الاضطلاع بأمر الدعوة إلى الله، كما أن في موقف أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - ما يقرر مكانة المرأة المسلمة وأثرها العظيم في نجاح الدعوة وإعداد الدعاة، وكم في الهجرة النبوية من دروس تحتذى وعبر تقتفى، لو رجع المسلمون لدينهم واعتزوا بتاريخهم وثوابتهم، وأمعنوا النظر في سيرة رسولهم - صلى الله عليه وسلم -، لا سيما والأمة الإسلامية اليوم تعيش في عالم عصفت فيه أمواج المحن، وهبت فيه أعاصير الفتن، حتى أصبحت أمتنا حبلى بالمشكلات، وثكلى بالفتن والمعضلات، ضعف وفرقة وخلافات، ذلة ومهانة ومنازعات، حروب ونكبات، كوارث وتحديات، ما هي آخر الأنباء في أرضنا المباركة، فلسطين المسلمة المجاهدة؟ وقدسنا السليب وأقصانا الحبيب؟ ما هي أوضاع إخواننا في العقيدة وأحوال الأقليات الإسلامية في كثير من بقاع العالم؟ إلى أي حال أدى الشقاق والنزاع بين أبناء الإسلام؟! كيف ومن دروس الهجرة وثمراتها ترسيخ مبدأ الأخوة الإسلامية والوحدة الإيمانية؟ إلى أن يحد من كيد سيطرة أعداء الإسلام وغزوهم عسكرياً وفكرياً وثقافياً وخلقياً وإعلامياً لبلاد الإسلام، كل ذلك وغيره من غيوم الفتن وسحب المحن، يتطلب من أمة الإسلام حلولاً عاجلة مع إطلالة هذا العام التي ترتسم على محياه بسمات التفاؤل، وتبرق في آفاقه فلول من الآمال العريضة، والتطلعات لمستقبل أفضل، تتبدد فيه سحب الآلام والأحزان عن كل بلاد الإسلام وما ذلك على الله بعزيز.
أمة الهجرة والجهاد: إن من أبرز ما يصور معاني الهجرة -يا رعاكم الله- الأخذ بتعاليم الإسلام التي جاء بها صاحب الهجرة - صلى الله عليه وسلم -، والتجافي عن الهبوط إلى مستنقعات المعاصي والآثام، وهذه هجرة لا يعذر مسلم في تركها لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه)) أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -.
ومن أكبر ما يترجم عناية الأمة بالهجرة النبوية، هو التمسك بمنهج صاحب الهجرة - عليه الصلاة والسلام -، والتزام سنته وأطر النفوس على الهجرة في كل صورها ومعانيها، إما بمعناها الشرعي الخاص، بالانتقال إلى حيث العزة والمنعة وإقامة الدين، أو بمعناها العام بهجر المعاصي بكل أنواعها، وإن وقائع الهجرة النبوية -يا عباد الله- ليست قصصاً تورد ولا روايات تسرد، ولا نعوتاً ومدائح تردد، ولا احتفالات تقام، لكنها عقيدة وانتماء، وعمل وإهداء، واتباع واقتداء، وجهاد وافتداء، والله - عز وجل - يقول: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت: 69].
يا أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -: إن في هذا الحدث العظيم من الدروس والعبر ما لو استلهمته أمة الإسلام اليوم وعملت على ضوئه لتحقق لها عزها المنشود، ومجدها المفقود، ومكانتها المرموقة بين العالمين، ولعلمت علم اليقين وهي تعيش على أبواب قرن جديد، بل على مفترق طرق وتشعب سبل، أنه لا حل لمشكلاتها، ولا صلاح لأحوالها إلا بالتمسك بإسلامها، والتزامها بإيمانها وعقيدتها، فوالله ثم والله ما قامت الدنيا عبر التاريخ إلا بقيام الدين، ولا نال العز والنصر والتمكين إلا لما خضعوا لرب العالمين، وهيهات هيهات أن يحل أمن وأمان، ورخاء وسلام واطمئنان، إلا باتباع نهج الأنبياء - عليهم السلام -: (فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه: 123-124].
إنه متى تذكر المسلمون هذه الحقائق الناصعة، وعملوا على تطبيقها في واقع حياتهم، كانت هي السلاح الفاعل التي تقاتل به، والحصن الحصين، والدرع الواقي المتين الذي تتقي به في وجه الهجمات الكاسحة، والتكتلات العالمية والمؤامرات الدولية، والصراع التي تعيشه قوى الأرض جميعاً، فالقوة لله وحده: (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) [البقرة: 165].
معاشر المسلمين: الوقفة الثانية، وقفة مع قضية تعبر عن اعتزاز هذه الأمة بشخصيتها الإسلامية، وتبرهن للعالم بأسره عن استقلال هذه الأمة بمنهجها المتميز المستقى من عقيدتها وتاريخها وحضارتها وثوابتها، إنها قضية أجمع عليها المسلمون في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، إنها التوقيت والتاريخ بالهجرة النبوية المباركة، وكم لهذه القضية من مغزى عظيم، يجدر بأمة الإسلام اليوم تذكره، لاسيما وقد فتن بعض أبنائها بتقليد غير المسلمين والتشبه بهم في تاريخهم وسلوكهم.
أين عزة الإسلام؟ وأين هي شخصية أهل الإسلام؟ هل ذابت في خضم مغريات الحياة؟ إننا أمة ذات أمجاد وحضارة، وتاريخ وأصالة، وثوابت راسخة، ومنهج متميز، منبثق من كتاب ربنا وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - وسيرة سلفنا الصالح.
لسنا بحاجة إلى تقليد غيرنا، بل غيرنا -في الحقيقية- بحاجة إلى أن يستفيد من أصالتنا وحضارتنا، لكنه التقليد والتبعية، والإعجاب والمجارات والانهزامية، والتشبه الأعمى من بعض المسلمين هداهم الله، والله - عز وجل - يقول: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) [المنافقون: 8].
أيها الإخوة المسلمون: وثالث هذه الوقفات مع حدث عظيم في شهر الله المحرم، فيه درس عظيم على نصرة أولياء الله، وانتقام الله من أعدائه مهما تطاولوا، إنه حدث قديم، لكنه بمغزاه متجدد عبر الأمصار والأعصار، إنه يوم انتصار نبي الله وكليمه موسى - عليه السلام -، وهلاك فرعون الطاغية، وكم في هذه القصة من الدروس والعبر، والعظات والفكر للدعاة إلى الله في كل زمان ومكان.
فمهما بلغ كيد الأعداء وأذاهم وظلمهم وتسلطهم، فإن نصر الله قريب، وهو درس لكل عدو لله ولرسوله، ممن مشى على طريق فرعون، أن الله منتقم من كل طاغية وظالم، طال الزمان أو قصر، إن يوم الهجرة ويوم عاشوراء -يا عباد الله- يومان من أيام النصر الخالدة، ألا فلتقر أعين أهل الحق ودعاته بذلك، فالعاقبة للمتقين، ولينتبه لذلك -قبل فوات الأوان- أهل الباطل ودعاته: (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) [الفجر: 14] وقال - تعالى -: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى) [المرسلات: 26].
وإن في الحوادث لعبراً، وإن في التأريخ لخبراً، وإن في الآيات لنذراً، وإن في القصص لمدّكراً ومزدجراً: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ) [يوسف: 111].
تلكم -أيها المسلمون- إشارات عابرة، ولمحات عاطرة، ووقفات مهمة عاجلة، يحتاج المسلمون إلى التذكير بها وهم يستقبلون عامهم الهجري الجديد، الذي نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أن يجعله عام خير وبركة ونصر للإسلام والمسلمين في كل مكان، وعام ذل وهوان لأعداء الإسلام والمسلمين في كل مكان، كما نسأله - سبحانه - أن يجعله عام يقظة رشيدة، ونقطة تحول سديدة، وفتح صفحة جديدة، صلاحاً لأحوال المسلمين في كل مكان، وهزيمة ساحقة لأعداء الله ورسوله والمؤمنين.
كما نسأله - سبحانه - أن يجعل مستقبل أيامنا خيراً من حاضرها، وحاضرها خيراً من ماضيها، وأن يعيد هذا العام على أمة الإسلام بالخير واليمن والبركات إنه سميع قريب مجيب الدعوات.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات من كل الذنوب والخطايا والسيئات، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
لحمد لله الذي لم يزل بالمعروف معروفا، وبالكرم والإحسان موصوفاً، أحمده - سبحانه - وأشكره، كل يوم هو في شأن، ييسر عسيراً ويجبر كسيراً، ويغفر ذنوباً ويستر عيوباً، ويكشف كروباً، ويدفع خطوباً، ويغيث ملهوفاً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً خالصةً لمن فطر السماوات والأرض حنيفا، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، جعله الله صادقاً أميناً شريفاً عفيفاً، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، صلاةً وسلاماً تزيدهم تفضيلاً وتكريماً وتشريفاً.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.
أيها الإخوة في الله: ووقفة رابعة مع فاتحة شهور العام، شهر الله المحرم، إنه من أعظم شهور الله - جل وعلا -، مكانته عظيمة، وحرمته قديمة، هو رأس العام، ومن أشهر الله الحرم، فيه نصر الله موسى وقومه على فرعون وملئه، الأعمال الصالحات فيه لها فضل عظيم، لا سيما الصيام، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل))، وأفضل أيام هذا الشهر -يا عباد الله- يوم عاشوراء.
في الصحيحين عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء، فقال لهم: ((ما هذا اليوم الذي تصومونه))؟ قالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً فنحن نصومه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((نحن أحق بموسى منكم))، فصامه - صلى الله عليه وسلم - وأمر بصيامه".
وفي صحيح مسلم عن أبي قتادة - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صيام عاشوراء، فقال: ((أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)) الله أكبر! يا له من فضل عظيم لا يُفوته إلا محروم! وقد عزم - صلى الله عليه وسلم - على أن يصوم يوماً قبله، مخالفة لأهل الكتاب، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
لذا ينبغي على المسلمين أن يصوموا ذلك اليوم، اقتداءً بأنبياء الله، وطلباً لثواب الله، وأن يصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده، مخالفةً لليهود وعملاً بما استقرت عليه سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، حقاً إنه عمل قليل وأجر كبير وكثير من المنعم المتفضل - سبحانه -.
إن ذلك -أيها الأحبة في الله- لمن شكر الله - عز وجل - على نعمه، واستفتاح هذا العام بعمل من أفضل الأعمال الصالحة التي يرجى فيها ثواب الله - تعالى -، فالكيس الواعي، والحصيف اللبيب، يدرك أنه كسب عظيم يجب ألا يسقطه من حسابه، فأين المشمرون المخلصون؟!
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم، بمنه وكرمه.
واعلموا -رحمكم الله- أن الله أمركم بالإكثار من الصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين النبي الهادي المصطفى الأمين، صاحب المعجزات الدائرات، والآيات البينات، فقال - تعالى -قولاً كريما: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56]، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من صلَّى عليَّ صلاة صلىَّ الله عليه بها عشراً)).
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واخذل الكفرة والطغاة والظالمين يا رب العالمين.
اللهم أمِّنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، اللهم وفقه لما تحب وترضى، اللهم خذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم ارزقه البطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه، اللهم وفق جميع ولاة المسلمين للحكم بشريعتك، واتباع سنة نبيك - صلى الله عليه وسلم - يا سميع الدعاء.
اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك، والمضطهدين في دينهم في كل مكان، اللهم انصر إخواننا في فلسطين، اللهم أنقذ المسجد الأقصى من براثن اليهود المعتدين يا قوي يا عزيز: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ).
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.---------------------------------
عبدالرحمن السديس

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
وقفات مع قضايا مهمة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الملتقى الدعوي :: المنتديات العامة :: ركن امام المسجد-
انتقل الى: