شهر شعبان .... بين المبتدعات والهوان !!
الحمد لله الإله الحق، لا تُحصى دلائل وحدانيته ولا تُعد، أحمده سبحانه وأشكره، لا ينتهي كرمَهُ ولا يُحد، وبعدُ
تمر أمة الإسلام اليوم بمفترق طرق؛ حيث تواجه تحديات على كافة الأصعدة، وتعيش ظروفًا صعبةً في تاريخها، وتعاني ألوانًا من المحن على أيدي أعدائها؛ وذلك بسبب تفككها وضعفها، ولن يتغير حال أمتنا إلى ما نأمله ونرجوه من عز وخير وتمكين إلا إذا غيَّر أفرادها ما بأنفسهم؛ فاستجابوا لهذا الدين، وأذعنوا لسنة النبي الأمين، وجانبوا البدع والإحداث في الدين، عندئذ تنهض أمتنا وتسعد، ويعود لها مجدها وسيادتها وريادتها
قال الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ الأنفال ، وعن الْعِرْبَاضُ بن سارية رضي الله عنه قال صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا؛ فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ؛ فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِى فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا؛ فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» أبو داود وصححه الألباني
ونحن نتذكر تلك الوصية الجامعة، يهل علينا هلال شعبان لنستوحي من تلك الوصايا الخالدة ما يجب أن يكون عليه المسلم في حياته عامة، وفي هذا الشهر العظيم بصفة خاصة، ذاك الشهر الذي يعيش فيه المسلمون بين النهل من خيراته وسننه، وبين شراك البدع المضلة
فضل الصيام في شهر شعبان
وشعبان هو اسم للشهر، وقد سُمي بذلك لأن العرب كانوا يتشعبون فيه لطلب المياه، وقيل لتَشَعُّبهم في الغارات، وقيل لأنه شَعْبٌ، أي ظهر بين شهري رجب ورمضان
والصيام فيه له فضلٌ عظيم، فعن أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يَصُومُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ» أبو داود ، وصححه الألباني وفي رواية عنها أيضًا قالت «كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلاً» مسلم
وقد رجح طائفة من العلماء منهم ابن المبارك وغيره أن النبي لم يستكمل صيام شعبان، وإن كان يصوم أكثره، ويشهد لذلك ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت «مَا عَلِمْتُهُ صَامَ شَهْرًا كُلَّهُ إِلاَّ رَمَضَانَ» مسلم وفي رواية عنها أيضًا قالت «وَمَا رَأَيْتُهُ صَامَ شَهْرًا كَامِلاً مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَمَضَانَ» مسلم
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال قلت يا رسول الله، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ فقال «ذَاكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَفِيهِ تُرْفَعُ الأَعْمَالُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، فأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» النسائي وحسنه الألباني
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَيْسٍ أنه سَمِعَ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ «كَانَ أَحَبَّ الشُّهُورِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ أَنْ يَصُومَهُ شَعْبَانُ، ثُمَّ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ»
أبو داود وصححه الألباني لماذا كان صوم شعبان أفضل من صوم الأشهر الحرم؟
قال ابن رجب رحمه الله «فإن قيل فكيف كان النبي يخص شعبان بصيام التطوع فيه مع أنه قال «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ» أبو داود ، وصححه الألباني ؟ فالجواب أن جماعة من الناس أجابوا عن ذلك بأجوبة غير قوية؛ لاعتقادهم أن صيام المحرم والأشهر الحرم أفضل من شعبان كما صرح به الشافعية وغيرهم والأظهر خلاف ذلك، وأن صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم؛ لأن أفضل التطوع ما كان قريبًا من رمضان قبله وبعده، وصوم شعبان يلتحق بصيام رمضان لقربه منه، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها؛ فيلتحق بالفرائض في الفضل، وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة، فكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بعُد منه، ويكون قوله «أفضل الصيام بعد رمضان المحرم» محمولاً على التطوع المطلق بالصيام، فأما ما قبل رمضان وبعده فإنه يلتحق به في الفضل، كما أن قوله في تمام الحديث «أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل»، إنما أريد به تفضيل قيام الليل على التطوع المطلق دون السنن الرواتب عند جمهور العلماء خلافًا لبعض الشافعية، والله أعلم
لطائف المعارف
وقوله عن شعبان «ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان» يشير إلى أنه اكتنفه شهران عظيمان، الشهر الحرام وشهر الصيام، فاشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان؛ لأن رجب شهر حرام، وليس كذلك
أقوال أهل العلم في كثرة صيامه في شعبان
وقد اختلف أهل العلم في أسباب كثرة صيامه في شعبان على عدة أقوال
أنه كان يشتغل عن صوم الثلاثة أيام من كل شهر لسفر أو غيره؛ فتجتمع فيقضيها في شعبان، وذلك لأن النبي كان إذا عمل نافلةٍ أثبتها، وإذا فاتته قضاها
وقيل إن نساءه كن يقضين ما عليهن من رمضان في شعبان، فكان يصوم لذلك، وهذا ما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تؤخر قضاء رمضان إلى شعبان لشغلها برسول الله عن الصوم
وقيل لأنه شهر يغفل الناس عنه وهذا هو الأرجح لحديث الرسول سالف الذكر، والذي فيه «ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان»
وكان إذا فاته شيء من سنن الصلاة أو قيام الليل قضاها؛ وكانت عائشة رضي الله عنها تغتنم شهر شعبان لقضاء ما عليها من فرض رمضان؛ لفطرها فيه بالحيض، وكانت في غيره من الشهور مشتغلة بالنبي وهنا يجدر التنبيه على أن من بقي عليه شيءٌ من رمضان الماضي يجب عليه صيامه قبل أن يدخل رمضان المقبل، ولا يجوز التأخير لما بعد رمضان القادم إلاَّ لضرورة مثل العذر المستمر بين الرمضانين
الصيام في آخر شعبان
وإذا كنا نستقبل شهر شعبان، فإننا نتأسى بوصية رسولنا الكريم البالغة في النهل من خيرات هذا الشهر المبارك والبعد عما ابتدع الناس فيه، وقد ثبت في الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي قَالَ لَهُ أَوْ لآخَرَ «أَصُمْتَ مِنْ سَرَرِ شَعْبَانَ» قَالَ لاَ قَالَ «فَإِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ» متفق عليه
وبإيجاز فالصيام في أواخر شعبان على ثلاثة أحوال
أحدها أن يصومه بنية الرمضانية؛ احتياطًا لرمضان، فهذا محرم
الثاني أن يصومه بنية النذر أو عن قضاء رمضان، أو عن كفارة ونحو ذلك، فهذا جوّزه الجمهور
الثالث أن يصام بنية التطوع المطلق، فكرهه من أمر بالفصل بين شعبان ورمضان بالفطر؛ وإن وافق صومًا يصومه، ورخص فيه مالك ومن وافقه، وفرّق الشافعي والأوزاعي وأحمد بين أن يوافق عادة أو لا
شهر شعبان بين المبتدعات والهوان
ونحن نستقبل شهر شعبان ينبغي علينا أن نتذكر وصية النبي الأمين «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» صحيح سبق تخريجه ، ولنحافظ على ديننا من البدع التي ابتدعها المضلون، ومنها تخصيص يوم النصف من شعبان بالصيام، ولعل الذين ابتدعوا صيام ذلك اليوم وجعلوه فضيلة من فضائل شهر شعبان، يستدلون بحديث واهٍ يروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه يرفعه «إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول ألا من مستغفر فأغفر له؟ ألا من مسترزق فأرزقه؟ ألا مبتلى فأعافيه؟ ألا كذا ألا كذا؟ حتى يطلع الفجر»
قال الألباني موضوع، انظر السلسلة الضعيفة
وبناءً عليه فإن صفوة القول ما قال به بعض العلماء من أن «صيام يوم النصف بخصوصه ليس بسنة؛ لأن الأحكام الشرعية لا تثبت بأخبار دائرة بين الضعف والوضع باتفاق علماء الحديث، اللهم إلاَّ أن يكون ضعفها بما ينجبر بكثرة الطرق والشواهد حتى يرتقي الخبر بها إلى درجة الحسن لغيره، فيُعمل به إن لم يكن متنه منكرًا أو شاذًا، وإذا لم يكن صومه سُنَّة كان بدعة؛ لأن الصوم عبادة، فإذا لم تثبت مشروعيته كان بدعة، وقد قال النبي كما في حديث جابر رضي الله عنه «كل بدعة ضلالة» أبو داود وصححه الألباني ؛ لذا فإنه لا يجوز صيام يوم النصف من شعبان بخصوصه إلاَّ إذا وافق ذلك صيام يومي الاثنين والخميس والأيام البيض
قيام ليلة النصف من شعبان
وله ثلاثة مراتب
الأولى أن يصلي فيها ما يصليه في غيرها، مثل أن يكون له عادة في قيام الليل، فيفعل في ليلة النصف ما يفعله في غيرها، من غير أن يخصها بزيادة معتقدًا أن لذلك مزية فيها على غيرها، فهذا أمر لا بأس به؛ لأنه لم يُحدِث في دين الله ما ليس منه
الثانية أن يصلي في هذه الليلة دون غيرها من الليالي، فهذا بدعة؛ لأنه لم يرد عن النبي أنه أمر به، ولا فعله هو ولا أصحابه
وأما حديث علي رضي الله عنه الذي رواه ابن ماجه «إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها» فقد ضعفَّهُ ابن رجب، وقال الشيخ رشيد رضا ومن بعده الشيخ الألباني إنه موضوع، ومثل هذا لا يجوز إثبات حكم شرعي به، وما رخص فيه بعض أهل العلم من العمل بالخبر الضعيف في الفضائل، فإنه مشروط بشروط لا تتحقق في هذه المسألة
وقد قال ابن رجب «قيام ليلة النصف من شعبان لم يثبت فيها عن النبي ولا عن أصحابه شيء» لطائف المعارف، ص
وقال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله «إن الله تعالى لم يشرع للمؤمنين في كتابه ولا على لسان رسوله ولا في سنته عملاً خاصًّا بهذه الليلة، ليلة النصف من شعبان» اهـ مجلة المنار
وقال الشيخ عبد العزيز بن رحمه الله ما ورد في فضل الصلاة في تلك الليلة فكله موضوع اهـ
وغاية ما جاء في هذه الصلاة ما فعله بعض التابعين، قال الإمام ابن رجب «وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام يعظّمونها، ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، وقد قيل إنهم بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف الناس في ذلك، فمنهم من قبله ووافقهم على تعظيمها، وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز، وقالوا ذلك كله بدعة» اهـ لطائف المعارف ص
الثالثة أن يصلي في تلك الليلة صلوات ذات عدد معلوم، يكررها كل عام، وهذه المرتبة أشد ابتداعًا من المرتبة الثانية، وأبعد عن السُّنّة، والأحاديث الواردة فيها أحاديث موضوعة، قال الشوكاني «وقد رويت صلاة هذه الليلة على أنحاء مختلفة كلها باطلة وموضوعة» الفوائد المجموعة، ص
هل هذه الليلة يُقدّر فيها ما يكون في العام؟
وقد اشتهر عن كثير من الناس أن ليلة النصف من شعبان يقدر فيها ما يكون في العام، وهذا باطل، فإن الليلة التي يقدر فيها يكون في العام هي ليلة القدر، كما قال الله تعالى حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ الدخان ، وهذه الليلة التي أنزل فيها القرآن هي ليلة القدر، كما قال الله تعالى إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وهي في رمضان؛ لأن الله تعالى أنزل القرآن فيه، قال الله تعالى شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ البقرة ، فمن زعم أن ليلة النصف من شعبان يقدر فيها ما يكون في العام فقد خالف ما دل عليه القرآن في هذه الآيات
صنع الطعام في ليلة النصف من شعبان
وقد دأب بعض الناس على صنع الأطعمة في يوم النصف من شعبان يوزعونها على الفقراء، ويسمونها «عشيات الوالدين»، وهذا أيضًا لا أصل له في سنة النبي ، فيكون تخصيص هذا اليوم به من البدع التي حذر منها رسول الله ، وقال فيها «كل بدعة ضلالة» أبو داود ، وصححه الألباني
ولا ريب أن من أحدث في الشريعة ما ليس منها فقد تقدم بين يدي الله ورسوله، وتعدى حدود الله، وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ البقرة ، وأن ابتداعه يستلزم جعل نفسه شريكًا مع الله في الحكم بين عباده، كما قال الله تعالى أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ الشورى وإن ما جاء في كتاب الله تبارك وتعالى، وصح عن رسول الله من الشريعة فيه كفاية لمن هداه الله تعالى إليه، واستغنى به عن غيره، قال الله تعالى يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ يونس ، وقال تعالى فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى طه
ما صح في ليلة النصف من شعبان
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله قال «إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان؛ فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك أو مشاحن»
ابن ماجه وحسنه الألباني
وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال قال رسول الله «إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه، فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه»
حسنه الألباني في صحيح الجامع
وعن كثير بن مرة الحضرمي رضي الله عنه قال قال رسول الله «في ليلة النصف من شعبان يغفر الله لأهل الأرض، إلا لمشرك أو مشاحن»
صححه الألباني في صحيح الجامع
وفي النهاية ينبغي للمسلم الموفق أن يكتفي بما صح في هذه الليلة من أعمال ولا يزيد عليها، وإن أرجى عمل يعمله العبد فيها تنقية صدره وقلبه للمسلمين، فلا يكون في قلبه غل ولا حقد ولا أذى لأي مسلم، كما ينبغي ألا نتعدى حدود الشرع في هذه الليلة؛ فنقف حيث أوقفنا الشرع في الأعمال المباحة والجائزة فيها، حتى لا نقع في المبتدعات المذمومة، فيزداد هواننا، فكلما ابتعدت الأمة عن التمسك بالسنن الشرعية وقعت في البدع المردية، وعندئذٍ يتسلط عليها شياطين الجن والإنس، نسأل الله تعالى العفو والعافية، وأن يهدينا وإخواننا المسلمين صراطه المستقيم، وأن يتولانا في الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
----------------------------------
جمال سعد حاتم