"هات من الآخر" عبارة شائعة يستخدمها كثير من الناس، ولاسيما إخواننا المصريين، يُطلب بها اختصار الكلام والكشف عما يحاول المتحدث إخفاءه أو تجاهله، وقد مضت مدة عليَّ وأنا أقول في نفسي: يا ليتنا نفهم النهايات ونحن ما نزال في البدايات، إذن لوفَّرنا على أنفسنا الكثير من العناء ولتخلَّصنا من الكثير من الأوهام.
في مقابلة مع أحد أثرياء العرب سأل المذيع الثريَّ: هل متعة المليون الأول أكبر أو متعة المليار الأول؟ وكان الجواب: طبعاً المليون الأول متعته أكبر، لأن الإنسان حين يملك الملايين ينال ما يريد من المتع، والمليار قد لا يستطيع تأمين ملذات إضافية... هذا معنى كلامه، وقد صدق.
إذن هل نستطيع القول: إن الذين حصلوا على كل ما يرغبون فيه من المسرات والكماليات، ثم ما زالوا يركضون ركض الوحوش خلف المزيد من المال، إن هؤلاء يعيشون في وهم كبير، وإن ما يحصلون عليه سيكون ضئيلاً جداً بالنسبة إلى ما خسروه؟.
إن جمع مزيد من المال إذا تم بطرق غير مشروعة أو مشبوهة، فهو يعني خسارة مؤكَّدة وفائدة مظنونة أو موهومة، وإذا كان يتم بطرق مشروعة، فينبغي ألا يكون على حساب إقبالنا على الله - تعالى -، وعلى حساب أسرنا وصلاتنا الاجتماعية.
المهم دائماً أن نشعر بالنهايات ونحن ما نزال في البدايات، وحين يحدث ذلك فإنه يعني أننا نعرف تماماً ما نريد، ونعرف ما الذي ينتظرنا، وإن من المؤسف جداً أن هناك أعداداً لا تحصى من البشر وقعوا في فخ كبير حين أضاعوا الشطر الأول من حياتهم في اشتهاء الشطر الثاني، وهؤلاء في الغالب سيقضون الشطر الثاني في التأسف على الشطر الأول!.
آيات قرآنية كثيرة تعلِّمنا على نحو مباشر كيف نقف الموقف الصحيح في هذه المسألة حتى لا نندم حيث لا ينفع الندم.
لنتدبر القرآن وبتدبره نتخلص من الرؤية العمشاء والحسابات الخاطئة.
وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
=========================
عبدالكريم بكار