الخطبة الأولى
إن الحمد لله... أما بعد:
فمعاشر المسلمين: تقدم الحديث في الجمعة الماضية عن واسع فضل الله - تعالى-، وعظيم كرمه، وجزيل ثوابه، وإن من كريم فضله وجزيل عطاءه وثوابه: أنه - تعالى- تعبدنا بأمور يسيرة في أداءها، عظيمة في أجورها وثوابها، ذلك لمحبته - تعالى- للمؤمنين وإكرامه لهم بما أعد لهم من النزل العظيم في جنته.
معاشر المسلمين: وهذه الأعمال تزيد المؤمن إيماناً، ومداومةً على المسابقة إلى فعل الخيرات، والطمع في مرضاة الله - تعالى –وما يثيبه من الحسنات ويكفر عنه من السيئات.
معاشر المسلمين: واستكمالاً لذكر بعض تلك الأعمال يقال: إن من الأعمال اليسيرة التي يترتب عليها أجور كثيرة:
التعزية لأهل الميت في ميتهم أو مصاب في مصيبته.
فعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ((ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبته إلا كساه الله - سبحانه – من حلل الكرامة يوم القيامة)) أخرجه ابن ماجة، وحسنه الإمام الألباني.
معاشر المسلمين: ومن الأعمال اليسيرة التي يترتب عليها أجور كثيرة:
تصافح المسلمين إذا سلم بعضهم على بعض
فعن حذيفة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن المؤمن إذا لقي المؤمن، فسلم عليه وأخذ بيده، فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر)) أخرجه الطبراني في الأوسط، وله شواهد، وصححه الألباني.
معاشر المسلمين: ومن الأعمال اليسيرة التي يترتب على فعلها أجور كثيرة:
عيادة المريض
فعن ثوبان -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من عاد مريضاً لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع، قيل: يا رسول الله ما خرفة الجنة؟ قال: جناها)) أخرجه مسلم.
معاشر المسلمين: ومن عظيم أجر زيارة المريض ما رواه علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من مسلم يعود مسلماً غدوة، إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشيةً صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة)) أخرجه الترمذي.
معاشر المسلمين: ومن الأعمال اليسيرة التي يترتب عليها أجور كثيرة:
السعي في قضاء حاجة أخيك المسلم
فلا تتردد عبد الله في قضاء حاجة أنت قادر عليها، ففي ذلك أجور عظيمة، يؤكد هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد (يعني مسجد
المدينة) شهرا)) أخرجه الطبراني عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -.
معاشر المسلمين: ومما ينبغي أن يعلم في عموم لفظ هذا الحديث: أنه يشمل صلاة المعتكف ليلة شهر اعتكافه، ومعلوم أن صلاة واحدة في مسجد المدينة تفضل على ألف صلاة فيما سواه دون المسجد الحرام.
معاشر المسلمين: ومن الأعمال اليسيرة التي يترتب عليها أجور كثيرة: ما رواه أوس بن أوس –رضي الله عنه-: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مّن غسل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، واستمع، وأنصت، ولم يلغ كان له بكل خطوة يخطوها من بيته إلى المسجد عمل سنة أجر صيامها وقيامها)) أخرجه الإمام أحمد، وأصحاب السنن، وابن حبان، والحاكم وصححه الألباني.
معاشر المسلمين: ومن الأعمال اليسيرة التي يترتب عليها أجور كثيرة:
قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين)) أخرجه الحاكم والبيهقي، وفي رواية أخرى عن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له النور ما بينه وبين البيت العتيق)) وصحح الحديثين الإمام الألباني.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم
الخطبة الثانية
الحمد لله....
معاشر المسلمين: ومن الأعمال اليسيرة التي يترتب عليها أجور كثيرة: ما رواه أنس بن مالك -رضي
الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة، تامة، تامة)) أخرجه الترمذي، وصححه الإمامان ابن باز والألباني.
معاشر المسلمين: ومن الأعمال اليسيرة التي يترتب عليها أجور كثيرة:
الصلاة على الجنازة
وهذا أمر يحرص عليه الكثير، لكن يزهد كثير منهم في تشييعها حتى تدفن.
معاشر المسلمين: ورغم سهولة هذا الأمر، فقد رتب عليه الأجر العظيم، فعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان، قيل: وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين)) أخرجه البخاري.
معاشر المسلمين: ومن الأعمال اليسيرة التي يترتب عليها أجور كثيرة:
إنظار المعسر أو التخفيف عنه من دينه
فعن أبي اليسر -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ((من أنظر معسراً، أو وضع له، أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله)) أخرجه مسلم، والترمذي بألفاظ متقاربة، وعن بريدة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أنظر معسراً، فله بكل يوم مثله صدقه قبل أن يحل الدين، فإذا حل الدين، فأنظره فله بكل يوم مثلاه صدقة)) أخرجه أحمد، والبيهقي، والحاكم، وصححه الألباني.
وهذا الأمر معاشر المسلمين فيه أجور عظيمة أخرى؛ لعظيم المصالح المترتبة عليه، ففيه تنفيس للمسلم عن بعض كربته، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)) أخرجه مسلم. قال بعض العلماء: "تنفيس الكربة تخفيف بعضها وتفريجها إزالتها كلها"، ومن المصالح أيضاً: أن فيه إدخالاً للسرور عليه، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورا)) أخرجه البيهقي عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين،
اللهم زدنا لك حبا.
=======================
عبدالعزيز السدحان