الملتقى الدعوي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الملتقى الدعوي - الملتقى الفكري - اسلاميات
 
الرئيسيةالمواضيع الأخيرأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الرجاء طوق النجاة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبوأنس




عدد المساهمات : 306
تاريخ التسجيل : 14/07/2010

الرجاء طوق النجاة Empty
مُساهمةموضوع: الرجاء طوق النجاة   الرجاء طوق النجاة I_icon_minitimeالإثنين يوليو 26, 2010 12:07 am

إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله - تعالى - من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله - تعالى - فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله - تعالى -، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
يقول ابن الجوزي - رحمه الله -: ومتى اشتد عطشُكَ إلى ما تهوى فابسُط أنامل الرجاءِ إلى من عندهُ الريُّ الكامل، وقل: قد عيلَ صبرُ الطبعِ في سِنِيه العجاف فعجِّلْ لي العامَ الذي أُغاثُ فيه وأعصِر.
يقول: "إذا اشتد عطشُكَ إلى ما تهوى" ستموت ويقتلك هواك، ويغلبك في هذه الجولة، وأنت لا تريد أن تقع في هذا الهوى، "فابسُط أنامل الرجاءِ إلى من عندهُ الريُ الكامل"، ألا وهو رب العالمين تبارك وتعالى.
فالرجاء حادٍ يحدوُ القلبَ إلى بلاد المحبوب، ويسهل السير عليه، وهي عبودية متى خرج من القلب وقع المرء في اليأس.
لأن الرجاء على ثلاثة أنواع:
الأول والثاني: نوعان محمودان. الثالث: نوع مذموم.
النوع الأول: محمود، وهو رجاء الطائعِ ثوابَ ربه، يفعل الفعل من الخيرات وهو يرجو ثواب ربه تبارك وتعالى.
النوع الثاني: محمود أيضاً، وهو رجاء العاصي الذي تاب إلى الله - عز وجل - ويتمنى أن يعفو الله عنه.
النوع الثالث: وهو النوع المذموم: فهو رجاء الكُسَالى.
قد اتفق أهل العلم: أن الرجاء لا يصح إلا مع العمل، فإن خلا الرجاء من العمل فهو الغرور.
كما قال الحسن البصري - رحمه الله - وهو يتكلم عن هوى النفس -وبعض الناس ينسبه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - و لا يصح، فهو من قول الحسن-: "ليس الإيمان بالتحلي، ولا بالتمني، ولكن الإيمان ما وقر في القلب، وصدقه العمل".
فأنت إذا وقعت في هجير المشتهى، -وكلمة هجير إشارة إلى شدة الإقبال على هذا المشتهى-، "فينبغي أن تخلع حولك وقوتك، وتجعل الحول والقوة لله - سبحانه وتعالى -، ابسُط أنامل الرجاءِ إلى من عندهُ الريُّ الكامل، وقل: قد عيلَ صبرُ الطبعِ في سِنِيه العجاف، فعجل ليَ العامَ الذي أُغاثُ فيه وأعصِر".
يشير ابن الجوزي إلى ما وقع في سورة يوسف - عليه السلام - في رؤيا الملك (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ * قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ) [يوسف: 43 - 44] الرجل الذي خرج من السجن ولم يحكم عليه بالإعدام (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) بعد مدة طويلة (أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ) [يوسف: 45] فذهب إلى يوسف - عليه السلام -، قال: (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) [يوسف: 46].
ابن الجوزي يشير إلى هذا "عيلَ صبرُ الطبعِ" عيلَ: أي: نفد صبر الطبع، أي: نفدت حيلتك وصرت في السنيِّ العجاف، ما بقي إلا أن تطلب رحمة الله - عز وجل - وأن تدعوه فتقول له: "عجل ليَ العامَ الذي أُغاثُ فيه وأعصِر".
أي: افتح لي من أبواب رحمتك ما يحول بيني وبين هذا الهوى الذي أعيشه في هجير المشتهى.
ثم قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى -: "بالله عليك تفكر في من قطع أكثر العمر في التقوى والطاعة، ثم عرضت له فتنةٌ في الوقت الأخير كيف نطح مركبُهُ الجرفَ فغرق وقت الصعود؟!".
أي اخلع حولك وقوتك ولا تأمن مكر الله - سبحانه وتعالى - لا تركن على عملك وإن كان العمل مهمًا، لكن العمل لا يستحق دخول الجنة مهما فعلت، كما قال - صلى الله عليه وسلم - ((واعلموا أنه لن يدخل الجنة أحد منكم بعمله)) قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ((ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته)).
ونحن لا نعلم أحداً عبد الله حق العبادة كما عبده نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ومع ذلك يقول: ((ولا أنا)): أي: لا أدخل الجنة بعملي، فالمسألة مقايسة ما بين نِعم الله - عز وجل - ومابين قيام العبد بشكر هذه النعمة، توضع النِعم في كفة، وتوضع أعمالك في كفة أخرى، ثم نرى كفتي الميزان، سيحدث نوع من الموازنة ما بين العمل وما بين النِعم أم لا؟.
هناك حديث رواه الحاكم بسند ضعيف عن النبي - صلى الله عليه وسلم –،-وأنا إنما أذكره ليس كحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أذكره كقول يوضح هذه المسألة- ففي هذا الحديث: يوضح أن رجلا عَبَدَ اللهَ - عز وجل - ستمائة عام في جزيرة لا فيها فتن، ولا فيها انشغال، ولا أي شيء من هذا، رجل عملُه: عبادة الله - عز وجل -، أخرج الله له عيناً من الماء العذب، وأنبت له شجرة رمان في الصخر، كان يأكل من الرمان، ويشرب من الماء، ويصلي ستمائة سنة، فلما حان وقت موته، قال الله - عز وجل -: أدخلوا عبدي الجنة برحمتي، قال: لا يا رب بل بعملي، قال: أدخلوا عبدي الجنة برحمتي، قال: لا، بعملي، قال: لا، برحمتي، قال: لا بعملي، قال: قيسوا نِعمي على عبدي بعبادته، فبدؤوا ووضعوا نِعمة البصر في كفة، ووضعوا عبادة ستمائة سنة، فطاشت عبادة ستمائة عام أمام نِعمة البصر فقط، أين بقية النِعم! لا يوجد عوض ولا عمل يفي!، قال: خذوه إلى النار، فجعل العبد يصرخ، ويستغيث، ويقول: ربي، بل برحمتك، يا رب، أدخل الجنة برحمتك، يا رب، قال: أرجعوه، ثم قال الله - عز وجل - له: عبدي، من خلقك ولم تك شيئا؟ برحمتي أم بعملك؟ قال برحمتك يا رب، قال: من قوَّاك على عبادة ستمائة عام؟ برحمتي أم بعملك؟ قال: برحمتك يا رب، قال: من أخرج لك الماء العذب من الماء المالح؟ برحمتي أم بعملك؟ قال: برحمتك يا رب، قال: من أخرج لك كل ليلة رمانة من الصخر؟ برحمتي أم بعملك؟ قال: برحمتك يا رب، قال: برحمتي فادخل الجنة، يا عبدي، كنت نِعم العبد.
فالمسألة مسألة موازين، توضع النِعم في كفة ويوضع عمل العبد في كفة، فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول أنا لن أدخل الجنة بعملي، ليس معنى هذا أنك تيأس، ولكن ابذل أقصى ما عندك وسنقبله حتى لو كان أقصى ما عندك، لأن الله - عز وجل - وعدنا ووعده الصدق.
قال تعالى (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ...) [البقرة: 286]، وقال تعالى (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا) [الطلاق: 7]، وقال - عز وجل -: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج: 78]
صِل إلى أقصى طاقتك حتى ولو كان، المهم أنك بذلت وسعك.
والله أسأل أن يجعل ما قلته لكم زاداً إلى حسن المصير إليه، وعتاداً إلى يمن القدوم عليه، إنه بكل جميل كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وبارك على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.
=================
أبو اسحاق الحويني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الرجاء طوق النجاة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الملتقى الدعوي :: المنتديات العامة :: الــــحــــــــــــوار الإســــــــــلامي-
انتقل الى: