ثمة فجوة كبيرة في التواصل بين الأجيال؛ وذلك لأن لكل جيل آمال وأحلامه وطموحاته، فأحلام الشباب وطموحاتهم تختلف اختلافاً كبيراً عن أحلام وطموحات الشيوخ.
فالشاب تتمحور اهتماماته وأحلامه حول أمور الحياة الظاهرة كأنواع (وماركات) الهواتف والسيارات والملابس، وما يتناسب منها مع (الموضة) وما لا يتناسب، بل وكثير من الشباب يجعل جُلّ أحلامه الحصول على أحدث الماركات في هذه الأشياء إضافة إلى حلمه بفتاة أحلامه التي يضع فيها الشروط والمواصفات التي قد لا توجد إلا في الخيال، وكذلك كثير من الفتيات تجعل جُلّ اهتمامها وطموحها بأحدث الصيحات في الملابس وأدوات الزينة، ثم حلمها الأكبر بفتى الأحلام الذي يخرج لها من الفانوس السحري ليلبي كل طلباتها ويحقق كل أحلامها.
وهكذا تمضي الأحلام في واد من الخيالات والأوهام لا يفيق الشاب والفتاة منها إلا على الواقع المؤلم.
ولقد كان لاتساع رقعة التعليم العالي والجامعي والثورة في عالم الاتصال والمواصلات، وسرعة التقدم في الصناعات الحديثة أثر في عدم قدرة البعض على ملاحقة تلك التطورات وفي التعامل معها.
فمن عيوب الحضارة الحديثة أنها تغرق الشباب في بحور من (الكماليات) الترفيهية وتكون في الغالب على حساب الأساسيات، وعلى حساب القيم والمبادئ، فمن قيم الأجيال القديمة المثابرة والصدق مع النفس والإحساس بقيمة العمل، بينما الطموح الجارف وإطلاق الخيال الحر أو الشطح وراء الأحلام من سمات الأجيال الجديدة.
من هنا فقد حدث الانفصام والانفصال بين الجيل الجديد والجيل القديم، وتلحظ ذلك في المجالس التي تجمع الشباب والشيوخ، تجد هناك فجوة كبيرة في التفكير، بل وفي المفردات اللغوية، وفي التفاهم بين الصغار والكبار، ولإعادة التواصل المفقود بين الأجيال لا بد من القرب العاطفي ووجود مساحة مشتركة للتلاقي والتفاهم، ونقل الخبرات والتجارب من الجيل القديم إلى الجيل الحديث.
فبعض الآباء قد صار في واد وأولاده في واد آخر، فلا توجد لغة للتفاهم والتواصل بينهما، فالأبوان لا يكلفان أنفسهما للجلوس مع أبناءهم والتعرف على طموحاتهم وأحلامهم ومعرفة كيف يفكرون وفيم يفكرون؟ وهذه أول الخطوات للتواصل.
وكذا يفعل المعلم مع طلابه والمسئول مع من هم تحت يده، ولم يأخذوا بعد الخبرة الكافية من الحياة.
================
بدر عبدالحميد