السؤال:
ما رأيكم بوضع تصوير فيديو على موقع (اليوتيوب) يحكي عن الإسلام وعن الأخلاق التي دعا إليها الإسلام، فيوجد الملايين من الناس التي تشاهد، وهكذا نعمل على نشر الأخلاق الحميدة والمعاني الفضيلة في الإسلام، والتي توضح للناس الإسلام، وسوف يكون التصوير مدروساً ومحكماً.
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أيتها الأخت الكريمة قبل البدء في الإجابة على تساؤلك أود التمهيد ببعض النقاط حول موقع (you tub)، لعلها تكشف بعض الإضاءة لما نريد الوصول إليه:
1- موقع اليوتيوب هو أكبر موقع على شبكة الإنترنت يسمح للمستخدمين برفع ومشاهدة مقاطع الفيديو بشكل مجاني.
2- مع بداية السنة الثانية من إنشاء الموقع كان ترتيبه العالمي في (أليكسا) الخامس، وقد أجريت إحصائية في عام 1427هـ أفادت بأن عدد زوار الموقع في اليوم الواحد يقارب سبعمائة ألف زائر عشرين مليون زائر في الشهر تقريبا- ويحصل على إثر ذلك على ما يقارب مائة مليون مشاهد في يوم واحد!!، ويضاف إليه(65) ألف مقطع فيديو كل 24 ساعة، ولا شك أن الإحصائيات الجديدة في ازدياد حتى بات من أشهر مواقع الإنترنت عند الناس.
3- قد أفادت إحصائية أن:
- 56% من رواد الموقع ذكور.
- 44% إناث.
- والجيل السائد هو من 12-17 عاماً.
4- موقع اليوتيوب يخضع لرقابة هزيلة جداً في أغلب الدول الإسلامية، مع أنه غدا فرصة سانحة لكل من هب ودب لعرض ما لديه من أصحاب الفرق والطوائف والأديان والملل، وحتى اللادينيين يعرضون مقاطع من طقوسهم وأفكارهم ومناظراتهم، وكذلك الشواذ وعبدة الشيطان!!
5- يحوي الموقع ملايين المقاطع، آلاف المقاطع منها لمحاضرات ومناظرات وبرامج تلفزيونية إسلامية قام بنشرها مرتادو الموقع من المسلمين.
6- بعد الانتشار الهائل لهذا الموقع تبنى مجموعة من محبي الخير إنشاء مواقع مماثلة ذات طابع إسلامي محافظ، كاليوتيوب الإسلامي (
www.isyoutube.com) ولكن بطبيعة الحال مثل هذا الموقع لا يتابعه إلا فئات معينة ومحدودة.
• وبعد هذه المقدمة المختزلة حول موقع اليوتيوب يمكن أن نستجلي بعض الحقائق والأفكار:
1- استطاعت جهات عديدة أن تصل من خلاله إلى العالم، وأن توظف قنوات في الموقع لمصالحها، وأن تكسب أصوات المؤيدين لنهجها، وهذا يحتم علينا أن نقوم بالدور المناط بنا خصوصاً ونحن نحمل أعظم رسالة عرفها التاريخ، وأن نوصل رسالتنا الإسلامية لكل الأقطار، ونبين للعالم ما نحمله من قيم ومبادئ وأخلاق، وإحجامنا عن المشاركة في وقت تتقاذفنا فيه الأمواج من كل مكان، وتزيين بعضنا لبعض فن العزلة والاعتزال في مثل هذه الحال قد لا يكون مناسباً في حق الأمة والجماعة وإن صح في حق أفراد.
2- الصنعة الإعلامية لها كبير الأثر في استثمار الرأي العام؛ فلقطة "محمد الدرة" التي لم تتجاوز ثواني معدودة لم تكن لتغيب عن نوظرنا وهي التي دفعت ألوف المسلمين للبذل والعطاء والوقوف مع إخوانهم بسخاء، ومن هنا ندرك أيضاً كيف يحاول المحتل الأمريكي في العراق أن يستغل موقع you tube)) لتحسين صورته الشوهاء لكسب معركة العقول والقلوب؛ فيصور مقاطع فيديو لجنود أمريكيين يقومون بتوزيع هدايا للأطفال العراقيين، ويقومون بإنقاذ أسر عراقية أصيب أفرادها في انفجار!! وكأن
أيديهم سالمة من دماء إخواننا المسلمين.
3- باعتبار أن الموقع ذو تأثير بالغ لا يمكن تجاهله أو غض الطرف عنه، فقد يكون من المناسب المشاركة فيه وضخ البرامج النافعة والمعاني الراقية والأفكار الجميلة والأهداف النبيلة التي جاء بها ديننا الإسلامي، وقد قال الإمام ابن تيمية - رحمه الله -: "الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها" الفتاوى 1/265، ولا شك أن استغلال الموقع وتقليل آثاره السلبية أولى من عزله وتجنبه.
4- لا شك أن من الراغبين في الخير حين تدعوه نفسه للمشاركة ويقوم برفع مقاطع مناسبة قد يدفعه الفضول إلى ما في الموقع من مقاطع فاضحة ومناظر مشينة، فيسرح ويجول بين هذه وتلك، فتضيع عليه الأوقات ويسود صحائفه بالسيئات؛ ولذا كان من المناسب إذا علم المرء من نفسه الضعف أو خاف الوقوع في الزلل أو شعر بانجذاب إلى المزالق؛ أن ينجو بنفسه، ويدع المجال إلى من هو أقدر منه ((والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)) أخرجه مسلم.
5- إليك بعض المقترحات التي آمل مراعاتها قبل رفع المشاركات للموقع:
- مراعاة الجاذبية في عنوان المقطع.
- البراعة في توصيل الفكرة دون إملال.
- تقليل الكلام وتكثيف الصور الجمالية.
- استخدام أكثر من لغة في الحديث أو الكتابة.
- الاهتمام بعرض القضايا الكبرى والمهمة دون الهامشية.
- مراعاة توقيت مدة التحميل التي يسمح بها الموقع وهي (10) دقائق.
- الاتزان وعدم المبالغة ومراعاة البساطة والبعد عن التعقيد.
6- المشاركة لا تعني تسويغ المشاهدة، والأولى في حق من يقوم بتنزيل مقاطع ذات محتوى جيد أن لا يتمادى به السير في الوحل بل يهجر ولا يتابع، فيؤثر ولا يتأثر، وينفع وينتفع، ويقلل من اشر ما أمكنه.
7- أرى من المناسب هنا أن أختم ببعض ما كتبه الشيخ د. سلمان العودة حول هذا: "الإنترنت واقع لا يمكن إلغاؤه أو تجاهله، والشعار الذي أرى ضرورة التنادي لاعتماده في هذه المرحلة هو شعار: (المشاركة والتميز) فالعزلة لا تفيد شيئاً، بل تزيد الطين بلة والداء علة، يجب أن نشارك وأن نتميز بمشاركتنا الجادة والهادفة، ووجود الانحراف من بعض الصالحين أمر قديم، ومن لم يمت بالسيف مات بغيره، ولا يعني ذلك إغلاق الباب بالكلية، لكن يصح أن نقول: إن هناك شروطاً وضوابط فيمن يدخل هذه الغمرات يجب عدم إغفالها؛ ومن أهمها قوته وصلابة إيمانه، وحتى لو دخل وشعر بالضعف والخور، فقلبه دليله، فلينج بنفسه، وليدع إنقاذ الغرقى للسباحين المهرة".
نسأل الله للجميع الهداية والثبات، وأن يجعلنا وإياكم مفاتيح للخير، مغاليق للشر، هداة مهتدين، غير ضالين، ولا مضلين، إنه سميع قريب مجيب آمين.