أبوأنس
عدد المساهمات : 306 تاريخ التسجيل : 14/07/2010
| موضوع: موت العلماء الثلاثاء أغسطس 03, 2010 1:58 am | |
| الحمد لله الذي تفرد بالبقاء وكتب على عباده الفناء، جعل الدنيا دار امتحان وابتلاء، والآخرة دار نعيم أو شقاء بلا أمد ولا انتهاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله القائل: (لا إله إلا الله إن للموت لسكرات). أما بعد: فلا ريب أن موت العلماء خطب جلل ورزية عظيمة وبلاء كبير إذ الأشخاص كلما كان دورهم عظيماً وأثرهم كبيراً كانت المصيبة بفقدهم أشد. وما كان قيس هلْكهه هلك واحد *** ولكنه بنيان قوم تهدما لكنها سنة الله الجارية والماضية في عباده، الموت لا محيد عنه ولا مفر؛ لكن فرق كبير بين موت إنسان من عامة الناس لا يشعر بفقده إلا أهله وأقاربه فيترحمون عليه ويدعون له بالمغفرة، وبين موت علم من أعلام الأمة وحبر من أحبارها، يستفيد الناس من علمه وفتاواه ويعبدون الله على بصيرة، ويتعاملون بينهم على ما شرع الله. لعمرك ما الرزية فقد مال *** ولا شاة تموت ولا بعير ولكن الرزية فقد شخص *** يموت بموته خلق كثير ماذا خسرنا بموت العلماء - رحمهم الله -؟ لاشك أننا خسرنا وارثين من ورثة النبوة، فالأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورّثوا العلم، وخسرنا العدول الذين ينفون عن دين الله التحريف والتأويل، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: « يَرِثُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَتَحْرِيفَ الْغَالِينَ » رواه البيهقي. ولنا مع موت العلماء بعض الوقفات التي نمسح بها بعض بوادر التشاؤم و اليأس التي قد تطفو على سطح العلم وميدان الدعوة. أولا: فضل العلم وتعليمه، فالعلماء لا يعطون الناس شيئاً من المال، ومن حطام الدنيا، وإنما يعلمونهم العلم، لذلك كانوا كباراً، فعيشهم ليس لأنفسهم فقط، وإنما للناس لتعليمهم وإرشادهم إلى الحق، فهم كما وصفهم الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: ((يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من ضال تائه قد هدوه)) فمن عاش لنفسه عاش صغيراً ومات صغيراً، ومن عاش لغيره عاش كبيراً ومات كبيراً. ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم *** على الهدى لمن استهدى أدلاء وقدر كل امرئ ما كان يحسنه *** والجاهلون لأهل العلم أعداء ففز بعلم تعش حياً به أبدا *** الناس موتى أهل العلم أحياء ثانيا: أنه ليس معنى موت أحد العلماء، ضياع الأمة وتخبطها في الجهل، ففيما بقي من أهل العلم خير كثير ولله الحمد، فالأمة زاخرة بالكفاءات العلمية، مليئة بالرجال المخلصين، ولا ينبغي أن يخور العزم، ويضعف العطاء، بفقد بعض العلماء، ففي الأمة بحمد الله من سيحمل مشعل الهدية، وراية العلم والدعوة، والعلم محفوظ ما دام الكتاب والسنة محفوظين، وإن أي زمن لا يخلو من قائم لله بحجة. إذا مات فينا سيد قام سيد *** قؤول لما قال الكرام فعول ثالثاً: أن علينا أن نسمو بهممنا، وننهض بمهماتنا، في نصرة دين الله - عز وجل - فيجب على الناس عموماً، وعلى طلبة العلم خصوصاً، أن يقبلوا على العلم الشرعي، ويتفقهوا في الدين، وأن يأخذوا مما أخذ الراحلون من أهل العلم، خصوصاً في ضروريات الدين، وعلى طلبة العلم الشرعي أن يجدوا يجتهدوا، وأن يعلموا أن العلماء لم يبرزوا في عشية وضحاها، وإنما برزوا بعد أن حصلوا العلم على مر السنين، ومكابدة الليالي والأيام، ومزاحمة العلماء بالركب، مع إخلاص نية وتضرع لله - جل وعلا -، وصبر واحتساب. وكانت في حياتك لي عظات *** وأنت اليوم أوعظ منك حيا وأخيراً نقول: إن هول الفاجعة، وشدة المصاب، تقتضي كمال الرضا بالقضاء والقدر، وحسن التصرف بالأمور، وأن لا تغلب العواطف على العقل والتأصيل، وحسن العمل والتدبير، فإن العين لتدمع، والقلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، فنسأل الله أن يرحم علماء المسلمين ممن قضوا نحبهم. اللهم ارحم علماء المسلمين اللهم أنزل على قبورهم الضياء والنور والفسحة والسرور اللهم اجزهم عنا خير ما جزيت عالماً عن أمته. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.===================== عامر عيسى
| |
|